|
عرار: عرار- خاص:ضمن سلسلة بستان الأندلس تنفرد عرار بنشر 100 سلسلة بواقع مرتين أسبوعيا لدكتورة الأدب العربي رشا غانم ، تختص بالإبداع الشعري لشعراء الأندلس يتخيل فيها الكاتب أنه ببستان جميل وقابل شاعرا من شعرائها يحكي معه ويتحدث عن أهم ما اتصف به وبعض نصوص من شعره واليكم اولى هذه السلسلات: عندما يتنزه الإنسان تخلب لبه هذه الروائح العطرة التي تفوح من هنا وهناك في البستان ،ويتأمل في كل ركن من أركانه ،هكذا شاعرنا اليوم الذي زهرته في البستان تكاد تنطق معبرة عن ولائها له وإحساسها بفضله، وعلى غيرها من الزهور كيف لا وقد لقب (بجنّان الأندلس)ويعد وصافا لطبيعة الأندلس بكل ما تميزت من مناظرخلابة تسحر العقول،فكأنها فتاته المولع بجمالها، وقد كان ابن خفاجة الذي ت (533هـ) يتميز أكثر شعره بوصف الأشجار والحدائق, وكأن "القارىء في ديوانه لا ينتقل من صفحة إلى صفحة، وإنما ينتقل من حديقة إلى روضة، ومن ربوة إلى بستان وكان أشد ما يثيره من بينها منظر الأوراق الخضراء تتطاير في الهواء, وتتناثر ظلالها على الأرض, على حين يعد الزهور عنصرًا مساعدًا لتكملة اللوحة كما قال عنه المستشرق هنري بيريس (الشاعر الريفي). ويصف شجرة بقوله: يارُبَّ مائسةِ المعاطف تزْدهِي من كل غصن خافقٍ بوشاحِ مهتزَّة يرتجُّ من أعْطافِها ما شئت من كفلٍ يموجُ رداح نفضت ذوائبها الرياحُ عشيةً فتملَّكتها هزَّة المُرتاح حطَّ الربيع قناعها عن مفرقٍ شمطٍ كما تًزْبَدُّ كأسُ الرَّاح لفَّاء حاكَ لها الغمامُ مُلاءةً لبست بها حُسنًا قميصَ صباحِ نضح الندى نوَّارها فكأنما مسحت معاطفها يمين سماح ولوى الخليج هناك صفحة مُعرض لثمت سوالفها ثغورُ أقاح فالرياض كان لها دور كبير في الأنس والمتعة مع الأصدقاء، وقد كان الناس يقصدونها للتنزه والمتعة واللعب، مما كانت هذه المشاهد الجميلة ملهمة لكل شاعر. كما برع في وصف الجبل وقصيدته في وصفه مشهورة ويخاطبه كأنه شخص يستنطقه ويخلع عليه صفات الإنسان فيقول: أصخت إليه وهو أخرس صامت فحدثنى ليل السرى بالعجائب وقال ألا كم كنت ملجأ فاتكٍ وموطن أواهٍ تبتل تائب وكم مر بي من مدلجٍ ومؤوبٍ وقال بظلي من مطيٍ وراكب ولاطم من نكب الرياح معاطفي وزاحم من خضر البحار جوانبي فما كان إلا أن طوتهم يد الردى وطارت بهم ريح النوى والنوائب ويختم القصيدة بعبر وحكم تُجلي بصيرة الإنسان بقوله: فحتى متى أبقى ويظعن صاحب أودع منه راحلاً غير آيب وحتى متى أرعى الكواكب ساهرًا فمن طالعٍ أخرى الليالي وغارب فرحماك يا مولاي دعوة ضارعٍ يمد إلى نعماك راحة راغب فأسمعني من وعظه كل عبرةٍ يترجمها عنه لسان التجارب فسلى بما أبكى وسرى بما شجا وكان على ليل السرى خير صاحب وقلت وقه نكبت عنه لطيةٍ سلام فإنا من مقيم وذاهب فإلى متى يظل الشاعر ساكنًا ويرحل أصحابه بلا عودة! وحينئذ كان حديث الجبل لابن خفاجة مثيرًا لشجونه، ولكنه على الرغم من ذلك كان رفيقًا له في قضاء هذا الليل الطويل. وبرع ابن خفاجة في فنون الشعر المختلفة فيحن إلى مدينته "شقر "ويبكي من لوعة الفراق فيقول: آه من غربة تُرقرق بثًا آه من رحلة تطول نواها آه من فرقةٍ لغير تلاقٍ آه من دار لا يجيب صداها لست أدرى ومدمع المزن رطبٌ أبكاها صبابة أم سقاها فتعالى يا عين نبكِ عليها من حياة إن كان يُغنى بُكاها ونجده معبرا عن القبر وقد تستحب زيارته للعظة والحكمة فيقول: ألا صمَّت الأجداث عني فلم تجب ولم يُغنني أني رفعت لها صوتي فيا عجبا لي كيف آنس بالمنى وغاية ما أدركت منها إلى فوت ؟! وهل من سرور أو أمان لعاقل ومفضي غُبور الغابرين إلى الموت؟! ويعبر بأدق تعبير عن شاعر زهد الحياة بقوله : لا العطايا ولا الرزايا بواقٍ كل شيء إلى بِلى ودُثور فالْه عن حالتي سرور وحُزنٍ فإلى غاية مجارى الأمور وإذا ما انقضت صروف الليالي فسواء ليلُ الأسى والسرورِ وهو الذي عاش الثمانين قد تساوت عنده العطايا والرزايا، فكلاهما ينقضي ويندثر، والأمور تجري في طريق مرسومة إلى غاية معلومة، فسواء عنده ليل الأسى، وليل السرور. حقا كانت أشعاره جواهر ولآلىء ازدان بها عقد الأندلس. الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: الثلاثاء 10-06-2014 12:04 صباحا
الزوار: 6692 التعليقات: 0
|