|
عرار: عرار- خاص: تنشر عرار ثاني سلسلة من سلسلات عاشق الأندلس ابن زيدون من سلسلسة بستان الأندلس للدكتورة رشا غانم . زهور هذا البستان من نوع خاص فهي تمتص رحيق الشعر فيفوح منها عبيره الأخاذ،وطربه الشجي ، وكل زهرة تحمل اسم شاعر من الأندلس، كل شاعر له حكاية قد تكون حكاية حب وما أروع الحب وحكاياته ،فسرت أتنزه في هذا البستان أتنشق زهرات فواحة أشم رائحتها البهية وقبل أن أخرج التفت لزهرة يانعة تحمل اسم شاعر وجداني كبير عاش بالحب وللحب إنه الشاعر ابن زيدون القرطبي ت:463هـ ،وقد ذاق وله الحب وآهات الشوق ولوعة الفراق وألم الجوى والحرقة من محبوبته الأميرة ولادة بنت المستكفي بالله آخر الخلفاء الأمويين في القرن الحادي عشر الميلادي ،فنجده يرسل لها معبرا عن تباريح الهوى بقصيدته النونية التي يقول فيها : أضْحَى التَّنَائِي بَدِيْلاً مِنْ تَدانِيْنا وَنَابَ عَنْ طِيْبِ لُقْيَانَا تَجَافِيْنَا ألا وقد حانَ صُبح البَيْنِ صَبَّحنا حِينٌ فقام بنا للحِين ناعِينا مَن مُبلغ المُبْلِسينا بانتزاحِهم حُزنًا مع الدهر لا يَبلى ويُبلينا أن الزمان الذي ما زال يُضحكنا أنسًا بقربهم قد عاد يُبكينا غِيظَ العِدى من تساقينا الهوى فدعوا بأن نَغُصَّ فقال الدهر آمينا فانحلَّ ما كان معقودًا بأنفسنا وانبتَّ ما كان موصولاً بأيدينا لم نعتقد بعدكم إلا الوفاءَ لكم رأيًا ولم نتقلد غيرَه دينا وما زالت الآلام لا تسكن كأنها أنفاس حارة ملتهبة تبرز شوق الشاعر ولهفه وهيامه وموته حبا ووجدا في محبوبته يقول أيضا: حالت لفقدكم أيامنا، فغدت سوداً وكانت ـ بكم ـ بيضا لياليناً إن الزمان ـ الذي ما زال يضحكنا أنساً بقربكم ـ قد عاد يبكينا لا تحبسوا نأيكم عنّا يغيّرنا إن طالما غيّر النأيُ المحبينا وقد يقول قائل لماذا كل هذا العناء من الشاعر ،وقد نجح في تحقيق مكانة كبيرة على المستوى المهني فكان وزيرا شاعرا مفلقا في عصره ، ولكن هذه المكانة العظيمة لم تجعله يهمل حبه الذي أذاب به كل ألفاظ العشق ، والذي كان ملجأ لإثارة الغيرة والحقد على القلبين المتحابين سواء من الوزير ابن عبدوس الذي أحب ولادة وسعى للتفريق بينها وبين ابن زيدون أو لفورة كثير من الإضرابات السياسية في عصر الشاعر ،نجده لم ينس حبه الذي اكتوى بنيرانه وتنفس لهيب زفراته فيستجدي محبوبته فيقول لها: أَغائِبَةً عَنّي وَحاضِرَةً مَعي أُناديكِ لَمّا عيلَ صَبرِيَ فَاسمَعي أَفي الحَقِّ أَن أَشقى بِحُبِّكِ أَو أُرى حَريقاً بِأَنفاسي غَريقاً بِأَدمُعي أَلا عَطفَةٌ تَحيا بِها نَفسُ عاشِقٍ جَعَلتِ الرَدى مِنهُ بِمَرأىً وَمَسمَعِ صِلينِيَ بَعضَ الوَصلِ حَتّى تَبَيَّني حَقيقَةَ حالي ثُمَّ ماشِئتِ فَاصنَعي قيثارة حبه كسمفونية عظيمة شدت بأعذب الألحان،فكانت قصة الحب بينه وبين ولادة من أروع قصص الحب في الأندلس.التي مهما عصفت بها الأيام لا تتبدل فيقول مناجيًا لها: لَعَمري لَئِن قَلَّت إِلَيكَ رَسائِلي لَأَنتَ الَّذي نَفسي عَلَيهِ تَذوبُ فَلا تَحسَبوا أَنّي تَبَدَّلتُ غَيرَكُم وَلا أَنَّ قَلبي مِن هَواكَ يَتوبُ فالحب نعمة عظيمة ينبض بها قلب أذاق آلام الهوى وتباريحه الشجية وأشواقه المتقدة فيقول: أَيوحِشُني الزَمانُ وَأَنتَ أُنسي وَيُظلِمُ لي النَهارُ وَأَنتَ شَمسي وَأَغرِسُ في مَحَبَّتِكَ الأَماني فَأَجني المَوتَ مِن ثَمَراتِ غَرسي وَأَغرِسُ في مَحَبَّتِكَ الأَماني فَأَجني المَوتَ مِن ثَمَراتِ غَرسي ولو أن الزمان أطاع حكمي فديتك من مكارهه بنفسي فهيا نحيا بالحب ونتغنى به في كل علاقاتنا الإنسانية التي تتشكل بها الحياة فلا نشعر برتابة ولا بملل وإنما نرى كل الوجود جميلا . الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: الجمعة 13-06-2014 01:54 صباحا
الزوار: 6916 التعليقات: 0
|