|
عرار: بستان الأندلس....دكتورة رشا غانم تكتب مغترب الأندلس الرصافي البلنسي عندما نشعر بالغربة والحنين ونحن خارج أوطاننا تختلج في نفوسنا مشاعر كثيرة بعضها نفرح به وأكثرها نحزن من تذكره ،وفي ظل ما يعتصر بي من ألم أجدني وقفت عند زهرة تبدو باكية حزينة تحس بأنها وحيدة بين الأزهار واقتربت منها لأستكشف ما سر حزنها ،أجدني عرفت ميسم شاعرها الذي تحمل اسمه إنه الرصافي البلنسي ت(572هـ) وكان شاعرًا يحس دوما بالاغتراب الذي يغلفه شعور الألم والمعاناة الشديدة في البعد عن الوطن،فالمغترب أو الرصافي كثرت أشعاره في الغربة والحنين وعبّر من خلالها عن تباريح الحنين والشوق لبلده الرصافة التي عاش قيها ذكريات شبابه فيقول: خليليَّ عُوْجا بي عليها فانَّهُ حديثٌ كَبَرْدِ الماءِ في الكبدِ الحَرَّى قِفا غيرَ مأمورينِ وَلْتَصْدَيا بها على ثِقَةٍ للغيثِ فأسْتَقِيا القَطْرا بِجِسْرِ مَعانٍ والرُّصافةِ إِنَّهُ على القَطْرِ أَنْ يَسْقي الرُّصافَةَ والجِسْرا بلادي التي رِيْشَتْ قُوَيْدِيمَتي بها فُرَيْخًا وآوتني قَرارَتَها وَكْرا مبادئُ لينِ العيشِ في ريِّقِ الصِّبا أَبى الله أَنْ أَنْسى لها أَبدًا ذِكْرا أكلُّ مكانٍ راحَ في الأرضِ مَسْقَطًا لرأسِ الفَتى يهواهُ ما عاشَ مُضْطَرَّا معاهدُ قد ولَّت إِذا ما اعتبرتَها وجدتَ الذي يحلو مِنَ العيشِ قد مرَّا والشاعر يحن إلى الرصافة وهي رصافة بلنسية الجميلة التي تقع شرقيّ الأندلس موطن ذكرياته الجميلة ومنشأه الذي عاش فيه أعذب الأماني ،فالإحساس بالغربة كان يسيطر على الشاعر حيث يرحل من مدينة إلى مدينة أخرى في داخل الأندلس مما يدل على شدة تعلق الأندلسين بوطنهم وانتمائهم العاطفي إلى هذا الوطن. كما برع في فنون أخرى كالغزل فنجده يتغزل بقلب مولع يحترق بنيران الحب وأكثر ما يؤلمه لوم العاذل يقول: أيها اللُّوَّام ما أهدأكم عن قلوب أسهرتنا قلقا ما الذى تبغون من تعذيبنا بعدما ذابت عليكم حُرقا قومنا فوزوا بسلوانكم ودعُوا بالله من تَشَّوقا وارحموا في غسق الظلماء من بات بالدمع يبل ُّالغسقا عللونا بالمُنى منكم ولو بخيالٍ منكم أن يطْرُقا وعدونا بلقاء منكم فكثير منكم ذكر اللِّقا ونلمح عنده تبرمه من العاذل الذي لا تقر عينه إلا بالتفرقة بين المحبين، ويلتمس منهم رحمة المحب المكلوم الذي لم تجف دموعه، ويتمنى ولو خيال يطيف به من المحبوبة لعله يخفف رمق حبه وحنينه. ويبرع في فن الحكمة فيقول معبرا عن معان العزة والكرامة التي يجب أن يمتاز بها الفتى بقوله : والحرُّ أكثر ما يُزري بحاجته توسُّط من خبيثِ النفس خوَّارِ صون الفتى وجهه أبقى لهمته والرزق جارٍ على حد ومقدارِ قنِعتُ وامتد مالي فالسماء يدي ونجمها درهمي والشمس ديناري فالعزة إحياء للهمة والإرادة، والقناعة، وكل المعاني الجميلة والقيم النبيلة التي تنبذ الذل وخاصة من خبيث النفس الجبان الذي يحاول قهر المرء واستلابه لحريته وهذا ما نراه الآن في كل الصراعات التي تشهدها بلداننا العربية . كما يبدع في أخيلته إذ يقول: فإني ربما استسقيت يوما لك الجونين: جفني والسحابا فتخجل من ملوحتها دموعي إذا ذكرت شمائلك العذابا صورة خيالية تشي باستعارة جميلة شخص فيها الشاعر الدموع إنسانًا وأعطاها صفة إنسانية، وهي الخجل ليعطي بعدا إنسانيا لعلاقته بصديقه، فالشاعر وقد فجع من هول هذا المصاب من الفقد لأعز الأصدقاء إلا أنه استطاع بخياله أن يبث الحركة في الأشياء. فما أروعك من شاعر أبدعت في فنون الشعر المختلفة ورسمت لوحات فنية رائعة بخيالك الرقراق في معبدك الشعري المرصع بجواهر ثمينة، فخففي من حزنك زهرتي الجميلة فقد حقق شاعرك مكانة سامقة في سماء الشعر. الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: الثلاثاء 17-06-2014 02:54 صباحا
الزوار: 8752 التعليقات: 0
|