عمّان : يقال إن خطاب العالمية أو الوصول إليها يبدأ من باب البيت، ومن الدهشة التي تحققها المحلّية بصور الحياة. وفي كتاب الشاعر سمير درويش الذي حمل عنوان «العشر العجاف.. من الهزيمة إلى النصر» ينطلق الكاتب من المحلّية في سرد سيرته خلال عقد من الزمان يقع بين 1965 و1975، وهي مرحلة مليئة بالأحداث الكِبار. يعرض الكاتب الصادر عن دار (الآن ناشرون وموزعون) في عمّان الأحداث الخلفية والحياة والتحولات في قرية مصرية، هي قرية الكاتب كفر طلحة، وهي ليست سيرة بالمعنى الشخصي بمقدار ما تمثل شهادة على العصر. وهي ليست من الشهادات السياسية لمحترفيها، بل هي تتبع ورصد ذكي للتحولات التي شهدتها القرية التي كانت تؤشر على ما يمكن أن تتشكل معها الأحداث. ويقع الكتاب في مائتي صفحة، ويتضمن الجزء الأول من مذكرات الشاعر، عن عشر سنوات في طفولته، و سنوات التكوين الأولى التي قضاها في قريته الصغيرة القريبة من مدينة بنها: 40 كم شمال القاهرة. والكتاب بحسب مقدمة المؤلف مجموعة من المشاهد المتفرقة، دون ترتيب زمني، تعالج شكل الحياة والعلاقات في قرية من قرى الدلتا في ستينيات القرن العشرين: الزواج والطلاق والثأر والتعليم والحالة الاقتصادية والزراعة والصحة من خلال رصد مواقف بعينها تركت أثرها على حياة الشاعر، وساهمت في تكوينه الثقافي والأدبي، أو هي- بالأحرى- تعكس هذه الأحداث وآثارها من وجهة نظره، وخاصة تلك التي ظلّت عالقه في ذهنه كل تلك السنوات. يلفت المؤلف سمير درويش في المقدمة إلى أهمية كتابة المذكرات التي تدوّن صورة الحياة في مصر في الفترة التي تناولتها، من وجهة نظر الكاتب أو المثقف المصري نفسه، ويقول: إننا- بسبب ندرة هذا الشكل من الكتابة - نعتمد في معرفتنا بالتاريخ الاجتماعي والاقتصادي والثقافي المصري القديم على شهادات وكتب بأقلام سائحين من الشرق والغرب، مكثوا في مصر بعض الوقت ودوّنوا انطباعاتهم عنها، وبالطبع لن تكون دقيقة مهما حاولوا، لأن الغرباء لا ينفذون إلى عمق المجتمعات التي يعيشون فيها، ولا يدركون أسرارها بحكم اختلاف الثقافات. هذا الكتاب هو العشرون لدرويش، الذي أصدر 16 ديوانًا شعريًّا، وروايتين، وكتابا سياسيا بعنوان «دولة الملتحين» صدر عام 2014 عن دار دلتا للنشر، ويتناول بالنقد عام حكم جماعة الإخوان المسلمين في مصر.