|
عرار:
عمان - نضال برقان عقدت جمعية النقاد الأردنيين يوم السبت الماضي ندوة نقديّة بعنوان "المسرح والنقد المسرحيّ في الأردن" اشتغلت على حيثيات تشكّل المسرح الأردني وتعمقه بدءا من ستينيات القرن الماضي، وتطوره جنباً إلى جنب مع الاقلام النقدية الراعية لتقدمه، وتأتي الندوة، وهي الثامنة لجمعية النقاد الأردنيين، في سياق سلسلة من الندوات تعكف الجمعية على إقامتها بمناسبة مئوية الدولة الأردنية. قدم فيها الكاتب والمخرج المسرحيّ عبداللطيف شمّا قراءة نقدية فاحصة لسياق نشوء وتطور المسرح الأردني ونقده في الأردن واقع هذا النقد والتحديات التي تواجهه، وقد أدار الندوة المهندس والكاتب المسرحيّ مفلح العدوان. في مستهل الندوة أشار مدير الندوة مفلح العدوان إلى أهمية تحديد البدايات المسرحيّة في الأردن وتوثيق ذلك جنباً إلى جنب مع المسرح العربيّ، لا سيما وأن الأردن يحتضن العديد من المدرجات الرومانية التي تؤصل المسرح فضلاً عن كثير من الطقوس الاحتفالية التي تقترب منت فكرة جماهيريته. كما أن هناك العديد من علامات الاستفهام حول النقد الذي رافق المسرح عبر مراحله المتعاقبة. أما ضيف الندوة عبداللطيف شمّا فأكدّ بادئ ذي بدء على أن المسرح مؤتمر ثقافي جماعي تأسس أردنيّاً في أواسط الستينات من القرن الماضي في رحاب الجامعة الأردنية على يد هاني صنوبر الذي قدّم عددا من المواسم المسرحية حتى نهاية الستينات أكسب عروضهم القدرة على ترسيخ أصول متينة لحركة مسرحية أردنية. ونبّه شمّا إلى جهود هاني صوبر في هذا الصدّد لا سيما إخراجه لمسرحية الفخ لروبرت توماس، وقد لاقت قبولاً لدى جمهور المشاهدين وكانت بحق حدثاً فنياً كسر الحاجز بين الجمهور والمسرح وبعث الثقة في نفوس أسرة المسرح وهم يستعدون لتقديم الموسم المسرحيّ الأول وما تلاه من مواسم تعدّدت فيها المدارس المسرحيّة المنتقاة وقد برز في نقد حركة المسرح في مهدها من أساتذة الجامعة الأردنية آنذاك الدكتور محمود السمرة والدكتور عبدالرحمن ياغي وآخرون من القائمين على الشؤون الثقافية في الصحف اليومية والدوريات. ومن المسرحيات التي عُرضت أيضاً "مروحة الليدي وندرمير" و"الأشباح"، و"البيت السعيد" لسومرست موم و"المشكلة" لمولنار و"رجل القدر" لبرناردشو. وأشار شمّأ إلى أن المحاولات النقديّة تميّزت في تلك الفترة بالتركيز على تحليل النصّ الأدبي واستحضار نجاحاته أو اخفاقاته في بلده الأصلي ومحاولة إسقاط تأثيره لدى مجتمعنا .. ومع ذلك فالكتابات النقديّة التي واكبت مواسم المسرح كانت لا تتوانى عن إبداء النصح والتوجيه. وبالانتقال إلى مرحلة ما بعد التأسيس ونعني بها فترات السبعينات والثمانينات وصولاً إلى مشارف التسعينات فقد اتسمت بتحول الممثلين المتمرسين على يدي هاني صنوبر إلى الإخراج، ودخول عدد من المخرجين الأكاديميين بروح جديدة وجدوا في المسرح الجامعي ضالتهم قبل أن تفتح دائرة الثقافة أبواب مسرحها لهم. ولاحظ شمّا أن الحركة المسرحيّة الأردنية شهدت في نهاية السبعينات هبّةً وعرساً مسرحيّاً تواصلت لياليه في مواسم مسرحيّة تعيد للأذهان صورة انطلاقته أواسط الستينات من حيث الزخم والالتزام بالديمومة، وتنوّعت العروض المسرحية ما بين العالمية والعربية والمحلية، ونشهد لحركة مسرح السبعينات رفدها للمسيرة بعدد من الكتّاب المسرحيين منهم أمين شنار، جمال أبوحمدان، محمد الظاهر، محمود الزيودي، كمال كيلاني، سعدالدين زيدان والباحث. وما يميّز مسرح السبعينات ازدياد الاهتمام بالمسرح المحليّ على مستوى المتابعات الصحفيّة والنقديّة وظهور عدد من الكتاب المهتمين بالمسرح ممن تابعوا العروض المسرحيّة وتراوحت كتاباتهم ما بين النقد الانطباعيّ والأدب الإنشائيّ والنقد المتفهم الواعي المكتسب بالممارسة والمطالعة الذاتية لشؤون المسرح. أما فترة الثمانينات فبرزت في أعمال المسرح الرسمي لدى دائرة الثقافة والفنون ، وإنجازات رابطة الفنانين الأردنيين ، وأعمال المسرح الجامعي ، وأعمال الفرق المسرحية الخاصة. فالمسرح الرسمي في الثمانينات شهد حالة مد وجزر وأحيانا بياتاً مسرحيا . تكرست لدى مسؤولي دائرة الثقافة فكرة الإكتفاء بتقديم التسهيلات اللوجستية للمسرحيين فاتخذت لنفسها دورا آخر غير الإنتاج المباشر. ومع ذلك فإن الثمانينات شهدت انتعاشا في الحركة المسرحية انعكس في استقطاب الجمهور من حول المسرح الذي قدمه الفنانون وهم يأخذون على عاتقهم مهمة انتاج مسرحياتهم من خلال مجموعات متفاهمة أو من خلال روابط ثقافية أو جمعيات خيرية. وفي تقييمه لموضوع النقد المسرحي في الثمانينات فلم تتحسن كثيرا ظروفه وظل ضمن المتابعات الصحفية لكن الفترة شهدت انخراط عدد من الكتاب ممن تعرضوا لمسألة النقد المسرحي نذكر منهم.. أحمد المصلح وفخري قعوار وإبراهيم خليل ومحمود إسماعيل وغيرهم. وبانتقاله إلى فترة التسعينات وما تلاها يقول شمّا بأن نشاطاً ملحوظاً للمسرحيين الأردنيين رُصد على الصعيدين الجماهيري وما عرف بمسرح المهرجانات.. فاستمر نجاح تجربة المسرح الجماهيري وخاصة مع تأسيس مسرح نبيل المشيني ثم ظهور نجومية حسن إبراهيم و موسى حجازين وغسان المشيني و حسين طبيشات و محمود صايمة وكسب المسرح كاتبا مسرحياً مميزا وهو محمد الشواقفة. فصارت المسرحيات تعرض لفترات طويلة. ومع اقتراب الألفية الثالثة بدأ مسرح المهرجانات يستحوذ على اهتمام المسرحيين والجهات الداعمة للمسرح فازداد عدد المهرجانات المسرحية وتقلص الاهتمام بالمسرح الجماهيري. ومن تلك المهرجانات مهرجان مسرح الشباب ومهرجان مسرح الطفل و مهرجان أيام عمان المسرحية لفرقة الفوانيس ومهرجان بترا لنقابة الفنانين ومهرجان ليالي المسرح الحر ومهرجان طقوس وغيرها. واتخذ المسرح الأردني لنفسه مكانة مميزة بين المهرجانات المسرحية العربية واصبح منافساً حقيقياً يحصد الجوائز أينما ارتحل في الساحة المسرحية العربية. واستعاد جمال أبوحمدان مكانته ككاتب مسرحي ، وتكرس نادر عمران ككاتب مسرحي علاوة على إنجازه المميز على صعيد السينوغرافيا ، واستقطبت المهرجانات المسرحية طاقات إبداعية شبابية على صعيد الكتابة للمسرح فكان نجم كل من مخلد الزيودي و غنام غنام ومفلح العدوان وهزاع البراري وسميحة خريس ورياض سيف ومحمد خير الرفاعي ومحمد البطوش وغيرهم. وأضاف شمّا أنه على مستوى النقد المسرحي برز زياد جلال ود.عوني كرومي وكريم جمعة وجمال عياد وجميل متولي وعواد علي وسميحة خريس وعبدالرحيم غنام ممن كتبوا في مجلة الفنون ومجلة المسرح ونشرة المهرجان والصحف المحلية. وما ميز النقد في هذه الفترة وما تلاها التركيز على مقومات العرض المسرحي أكثر من التركيز على النص الأدبي في الغالب الأعم متأثرين في ذلك بأجواء المهرجانات المسرحية التي توالت. وفي ختام ورقته وثّق شمّا معاناة المسرح من مدٍّ وجزر ، فالحاضنة الشعبية التي شكلها نفر من المسرحيين سرعان ما كانت تختفي عندما يتصدى للفعل المسرحي مَن يتعالون عليه ممن كانت تعوزهم رؤية القضايا الاجتماعية والإنسانية للمجتمع الذي يفرز له المريدين والمتابعين. أما الممارسة النقدية في المشهد المسرحي فتراوحت بين الانطباعية والمزاجية ولم يكتسب الصفة العلمية والدقيقة بمعنى ممارسة وتوظيف قراءة نقدية متكاملة لا تغفل عن أي مكون من مكونات العرض المسرحي . الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الخميس 09-12-2021 09:26 مساء
الزوار: 754 التعليقات: 0
|