بكر السباتين: السم وغواية الدسم في مسلسل “المسيح” المنتظر
عرار:
بكر السباتين
وهي محاولة جادة للإجابة الموضوعية عن كل الأسئلة والشبهات التي تحوم حول هذا المسلسل العالمي الذي صور في فلسطين المحتلة “إسرائيل”، والأردن، وأمريكا، والمكسيك، وسوريا. وتجدر الإشارة إلى أنه سجل خلال شهر يناير 2020 أكبر نسبة مشاهدة في العالم على قناة نتفليكس.. وهو من تأليف الأسترالي مايكل بتروني، وقام ببطولته: الإيراني البلجيكي مهدي دهبي (المسيح المنتظر)، الفرنسي تومر سيسلي (إيفرام)، الفلسطيني سيد العلمي (جبريل حسن)، الأمريكي جون أرتيز (القس أليكس)، النيوزلندية استيفاني ( روبيكا)، الأمريكية ميشيل موناغان (المحققة إيفا)، الأمريكية ميليندا بيج هاميلتون (آنا).
الفكرة الرئيسية للمسلسل، تدور حول السؤال التالي:
“ماذا سيحدث لو ظهر المسيح على الأرض اليوم؟ هل سيوحد الجماهير، أم يتسبب في فوضى عارمة في جميع أنحاء العالم؟”
وتعتمد قصة المسلسل كموضوع محوري على مبدأ الشك والضياع الناجم عن الإرهاب وعدم الشعور بالأمان من خلال محورين:
الأول: تداعيات القضية الفلسطينية والأزمة السورية وحق العودة من خلال قيادة المخلص المنتظر لفلسطينيي سوريا والعودة بهم إلى فلسطين بعد أن نالت منهم الإحباطات التي ضربت ثقتهم بقيم العدالة وأوشكت الإخفاقات أن تنال من استقرارهم وتحولهم إلى بيئة حاضنة للإرهاب. حتى أخذتهم بوصلة المخلص المنتظر إلى بلادهم ليواجهوا مصيرهم على حدود فلسطين المحتلة المحرومين من دخولها من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
الثاني: أزمة الإنسان المعاصر القائمة على الشك وعدم اليقين.. وهموم الإنسان الأمريكي وفقدانه لبوصلته الفكرية والسياسية والدينية.. فهل سينجح المخلص أم أنه جاء لإشاعة الفوضى الخلاقة من خلال بيع المسحوقين الوهم!؟
ومكمن الخطورة في هذا المشروع الدرامي الافتراضي الضخم يتجلى في دعوة المخلص إلى عدم التعامل مع جميع الكتب السماوية المقدسة! فهل يعني سيره على الماء -مثلاً- باتجاه المسلة المزروعة أمام مبنى النصب التذكاري لأبراهام لينكون هو استجابة لرؤية الماسونية للمستقبل، كون المسلة من رموزها!
قمت بتلخيص المسلسل بإحاطة وشمول لأول مرة – كما سيتأكد القارئ من ذلك.. نظراً لأهمية هذه المادة البصرية في معالجة ما يخشى المفكرون من الخوض في تفاصيله.. وأحياناً سيشعر القارئ بغواية الدسم الذي دس فيه السم الزعاف.. ولنبدأ بتلخيص أدق التفاصيل لهذا المسلسل، حيث قسمت الملخص إلى العناوين التالية تسهيلاً لفهم المحتوى المتشرذم:
ظهور المخلص والعودة إلى فلسطين.. المخلص يهرب من السجن بمعجزة.. المخلص في تكساس.. اعتقال المسيح في أمريكا.. مطاردة أمريكية إسرائيلية للمسيح في أمريكا.. الماسونية والمسيح المزعوم.. أسرار جديدة وصادمة عن المسيح المنتظر.. الخلاصة.
– ظهور المخلص والعودة إلى فلسطين
في أتون الأزمة السورية التي يعربد في تفاصيلها الشيطان، حيث الإرهاب الداعشي المستفحل الذي لم تبقِ نيرانُه ولم تذر.. ظهر المخلص بملامحه الموصوفة في المرجعيات الغربية.. بشعره الطويل وبشرته الحنطية، وأخذ يحرض الزوابع الرملية على تنظيف الأرض المحروقة من إرهاب داعش، موجهاً كلامه إلى اللاجئين الفلسطينيين الذين حرقت الحرب القذرة في سوريا ملاذهم في المخيمات التي تحولت إلى ركام.. وقد اجتاحهم شعور باليأس والضياع، وهي الحالة النفسية المناسبة ليستجيب أكثرهم لادعاء هذا الرجل الغامض في أنه المخلص المنتظر.. إنه بحث اليائسين عن الخلاص حينما سدًّت الدروب في وجوههم.. والنتيجة أن الحوار بين الناس اتجه بهم نحو مصدق أو اعتباره المسيح الدجال الذي وصفته الأحاديث النبوية في الإسلام حيث سيهلك كل من يتبعه؛ لكن اليأس جرف الغالبية نحو الإيمان بمن سيقودهم نحو الخلاص.. ومنهم الفتى جبريل حسن الذي سيكون له شأن عظيم في سياق الأحداث.
أخذ المخلص اتباعه عبر الأردن إلى الحدود الأردنية الإسرائيلية، وطلب قبل وصولهم منطقة التماس أن يدفنوا أسلحتهم انطلاقاً من إيمانه بالحوار الإنساني والصبر على الملمات والمهالك حتى ينتصر الحق فيسمح لهم بتجاوز الحدود إلى وطنهم السليب بأمان. ولكن هذا لم يحدث وفق رؤية المخلص المنتظر الذي طلب من الفلسطينيين العائدين بناء مخيمهم المعنوي في العراء؛ وقادتهم التداعيات إلى مواجهة الجيش الإسرائيلي المدجج بالسلاح وعلى رأسهم المخلص، حيث أطلق الجنود المتوجسين خيفة عليهم النار وأهانوهم وفي عيونهم خوف وجودي مقابل الأمل الذي أشرق في عيون العائدين المنهكين بفعل تأثير المخلص المنتظر.. والنتيجة أنهم صمدوا رغم اعتقال المخلص الذي تحدى الجنود الإسرائيليين بشدة وهو يواجههم بنظراته المؤثرة التي استمدت قوتها من إيمانه بالهدف المنشود الذي جاء لتحقيقه.
– المخلص يهرب من السجن بمعجزة
وفي غرفة الاستجواب التي تشرف عليها نافذة مراقبة، تعرف المخلص المنتظر على ضابط الاستخبارات الإسرائيلي أفيرام الذي أخذ يحقق معه بقسوة.. وفي سياق ذلك سأله عن اسمه فأجاب المخلص بثبات وتركيز: اسمي “الكلمة”. وكأنه يعني كلمة الله في الأرض.
وفي منطقة أخرى من الاستجواب، وبعد أن فقد أفيرام صبره قال له:
ستظل وحيداً في هذا السجن حتى تتعاون معنا وتعترف أو تقتلك الوحدة.
فرد عليه المخلص بنظرات متوعدة واثقة، بأن العكس هو الصحيح، أي أن المحقق إيفرام هو السجين في حقيقة الأمر الذي ستقتله الوحدة حتى ولو عاش بين الناس خارج السجن.
وفجأة يهرب المخلص من سجنه الانفرادي بمعجزة أثرت على مجريات التحقيق، فاتهم إيفرام بتهريبه وخضع من جراء ذلك لتحقيق مهين.. (يتبين في وقت لاحق بأن المتسبب هو ضابط صغير تأثر بشخصية المخلص) وضابط الاستخبارات الإسرائيلي أفيرام متزوج من ابنة أخ مرؤوسه المباشر، ولديه منها ابنة صغيرة يبادلها الحب الغامر رغم أنه يعيش حياة قلقة مع زوجته. لتنضم إلى دائرة التحقيق الضيقة بشأن المخلص، الاستخبارات الأمريكية ممثلة بالمحققة الأمريكية الثلاثينية، إيفا، وهي سيدة تتمتع بذكاء وإرادة صلبة، رغم أنها تعاني من تبعات مهنتها النفسية التي صعّبت عليها ظروف حياتها مع صديقها فأجهظت عدة مرات، حتى كانت الرابعة في وقت لاحق.
من جهته رفض أيفرام بأن يخضع لتحقيق المخابرات الأمريكية لاعتبارات معنوية، واعتبر ذلك تدخلاً في الشؤون الإسرائيلية.. وتشاء الظروف أن تجمع بين إيفرام والمحققة الأمريكية إيفا في كفتيريا وسط تل أبيب، وقالت له في سياق حوار ودي تبادلا أطرافه: “صحيح أن هذه الأرض حسب قناعتنا هي أرضكم لكن ما يحدث هنا سيؤثر على العالم.. لذلك الأمر يعنينا”. (وهذا بالطبع ينسجم مع الموقف الأمريكي المشهود تجاه الكيان الإسرائيلي).
أصبح المخلص الشغل الشاغل للعالم، وكانت الصور عبر مواقع التواصل الاجتماعي تتوالى وهي ترصد المسيح المخلص في القدس واقفاً بين الفلسطينيين على درجات مسجد قبة الصخرة معلناً بأن هذه الأرض لكل الناس.
وأثناء ذلك كان المتحلقون الفلسطينيون من حوله يهتفون في وجه الجنود الإسرائيليين بقوة وإيمان:
أتركوا بلادنا وأرحلوا.. هذه بلادنا.
وأثناء هذه التظاهرة السلمية أطلق الجنود الإسرائيليون الرصاصَ على المتظاهرين العزل فقتلَ طفلٌ فلسطيني أسجي بين يدي المسيح المخلص، فأحياه من جديد.. ثم اختفى عن الأنظار، وتراوحت أصداء هذه الحادثة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين الشك واليقين. فازداد إيمان الناس به في العالم الذي يتربص به الخوف والشك الذي أتعب العقول وصاروا يبحثون عن مخلص جديد يقودهم إلى الأمل المرتجى والتجديد.. وخاصة بين اتباعه من الفلسطينيين الذين في انتظار طلته على الحدود ليخلصهم من معاناة اللجوء، في حين اشتعلت الانتفاضة ضد الاحتلال، ولكن في الجهة الأخرى من العالم كانت للمخلص، المسيح المنتظر قصة أخرى!
– المخلص في تكساس
تدور الأحداث في تكساس حول عائلة القس أليكس وزوجته آنا وابنتهما المراهقة روبيكا.
لقد أحبط واجتاحته دوامة من الشك وعدم اليقين إزاء إيمانه بالدين المسيحي بعد مشاهدته المسيح المنتظر يتنقل بين المدن كبشر عادي، بينما تنتشر أخباره وصوره عبر هواتف الناس النقالة، الأمر الذي دفعه إلى محاولة حرق الكنيسة التي يشرف عليها، وأوشك أن يقترف ذنباً عظيماً لولا قدوم إعصار مدمر باغت بلدتهم.. وفي الوقت نفسه كانت ابنته روبيكا قد قررت الهروب من البيت فاستفقدت أمها آن غيابها المفاجئ وخوفاً عليها من خطر الإعصار الذي باغتهم ذهبت إلى الكنيسة لتخبر ألكس بالأمر؛ كي يبحث عن ابنته.. فلاحظت ما كان سيفعله زوجها بالكنيسة إلا أنها كذبت نفسها وافترضت حسن النية، فلم تكترث بالهواجس التي اختلطت في رأسها المأزوم؛ لينصب اهتمامهما على تغيب روبيكا فأثارت انتباهه للكارثة.. لكنهما فقدا الأمل ودخلا ملجأ الكنيسة يائسين.
وبعد انتهاء الإعصار، تحولت المدينة إلى أنقاض، وخرج الناس من الملجأ؛ ليكتشفوا أن كنيستهم لم تتأثر بالإعصار فأثار الأمر دهشتهم، وتوافق ذلك مع ظهور المسيح المنتظر وهو يقود بيده روبيكا التي أنقذها بينما كانت مختبئة تحت الجسر.. فتحولت القصة إلى معجزة تداول الناس تفاصيلها، وقد توافدوا إلى المكان كأتباع مؤمنين بعودته.
-اعتقال المسيح في أمريكا
حتى تم اعتقاله من قبل المحقق الأمريكي ويل من مركز الاحتجاز المشترك في المكسيك بموجب قانون منع الهجرة غير الشرعية رقم ١٣٣٥ كونه دخل البلاد بطريقة غير شرعية.
لكن أليكس من جهته قرر أن يوكل له محامية للدفاع عنه.. وقد تبين للمحققين أن المسيح المنتظر جاء إلى تكساس بواسطة طائرة مدنية أردنية أقلته من عمان إلى المكسيك، ثم عبر الحدود إلى تكساس عن طريق البر، أي أنه لم يأت محمولاً على متن الرياح كمسيح منتظر وصاحب معجزات.
ورغم الضغوطات الرسمية التي مورست على القاضي لترحيله إلى الكيان الإسرائيلي، إلا أنه اقتنع أخيراً بحجة المخلص في أنه لو عاد إلى بلاده سيضطهد من قبل الإسرائيليين ويسجن دون رأفة أو رحمة.. وعليه فقد منح الإقامة الدائمة، ثم خرج مع القس أليكس إلى بلدته؛ ليجدَ اتباعه ينتظرونه بالمئات.. وقد انزرعت المحققة الأمريكية إيفا بينهم حيث أنيطت بها مهمة إخضاع المسيح المنتظر للمراقبة الميدانية الحثيثة.
– مطاردة أمريكية إسرائيلية للمسيح في أمريكا
الأمر المفاجئ تجلى بقدوم ضابط الاستخبارات الإسرائيلي إيفرام إلى تكساس بنية الثأر من المسيح المنتظر، الذي تسبب بتوقيفه عن العمل، وعرضه للتعذيب على يد المخابرات الإسرائيلية.. وقبل قدومه إلى تكساس، اقترف جريمة يندى لها جبين الإنسانية، حينما اعتقل الطفل الفلسطيني جبريل حسن ليستجوبه حول المسيح المنتظر، وعرضه للضرب المبرح والتعذيب حتى يقر بمكانه فباءت جهوده بالفشل الذريع، ولم يتوقف عن تعذيبه إلا بعد أن فرط بين يديه جثة هامدة، أو هكذا ظن! ثم ألقى به في البيداء شرق النهر، حتى يموت فتختفي آثاره، لكن عناية الله وضعته في طريق صديقه الذي جاء به إلى المخيم.
وكان جبريل حسن هو الوحيد الذي بقي صامداً على الحدود ورفض اتباع خطوات الشيخ الذي أقنع اللاجئين الفلسطينيين العائدين بأن المخلص تبين أنه رجل كذّاب وهو نصاب كان يسعى لنيل الجنسية الأمريكية فحظي بها.. وكان حينها الطفل جبريل حسن في حالة صحية يرثى لها، ويتخيل بأنه يقف أمام خيارين، إما اتباع المرحومة والدته التي تباغته في الحلم كلما يوشك أن يلفظ أنفاسه؛ كي يتبعها إلى الجنة.. أو يستجيب للمخلص ويظل ثابتاً على إيمانه به، فيأخذ من يده المسدس وكأنه يدعوه لمقاومة الاحتلال بالقوة بعد إخفاق الخيار السلمي الذي تبنوه بعد دفنهم الأسلحة. وكأنها شهادة اعتراف من المسيح المنتظر بأن المقاومة حق مشروع رغم إدراج ذلك ضمن أهداف المسلسل في خانة الفوضى الخلاقة. وها هو الضابط إيفرام في تكساس بعد أن عجز عن قتل المسيح المخلص فيسقط المسدس الذي أشهره تجاهه في لحظة استلاب مبهمة باغتت عقله المأزوم، فيراقب بعد ذلك خصمه المسيطر واتباعه من خلفه ليستجيب لطفل سقط سقف الغرفة على كلبه حتى يقدم يد العون له، فأكلت الدهشة الرؤوس حينما أقدم المخلص على قتله ليستريح وكأنه يشرع بذلك مبدأ القتل الرحيم كما سيفعل آخر المسلسل حينما سمح للمراهقة روبيكا بأن تجهض جنينها كونها غير مؤهلة لتحمل أعباء الولادة.
– الماسونية والمسيح المزعوم
وحينما طلب من أليكس بأن يقود أتباعه إلى أي مكان يختاره، فعل ذلك بتحفظ وسار بهم إلى واشنطن العاصمة..
وقبل أن يمشي على الماء باتجاه المسلة التي تنتصب أمام مقام أبراهام لونكين، وهما رمزان ماسونيان، ردد العبارات التالية:
“العودة إلى نصوصكم المقدسة لن تخلصكم.. الركوع لن يرضي أحداً، أنتم المحكوم عليكم، أنتم المختارون.
جئت لأكسر المرآة لتحددوا مع أي جهة تقفون، ما ترونه سيكون خياركم”.
طبعاً وفي مكان آخر من المسلسل كان يدعو إلى مقاطعة الكتب السماوية الثلاثة لبناء نظام جديد. وهي دعوة للشك وضياع البوصلة.. ولعلك عزيز القارئ لو دققت في إعلان المسلسل وخاصة كلمة “Messiah” ستجد قبل حرف”h” مستطيل باللون الأبيض بداخله هرم تتوسطه شمس ساطعة.. كالذي يوجد على الدولار الأمريكي.
أثناء ذلك كان جبريل حسن في الجانب الآخر من العالم، يمشي عارياً تماماً كأنه إنسان مجرد من كل الأفكار الدينية كي يتحدى جنود الاحتلال على الحدود الأردنية الإسرائيلية، وقد تلبسته روح المخلص الإيجابية ليحاول الدخول إلى فلسطين المحتلة بطريقة سلمية، فباء هذا الخيار بالفشل إزاء البنادق التي صوبت نحوه.. من هنا أخذت بوادر الطوفان تتجلى بخيار المواجهة التي يدرجها المسلسل في إطار الفوضى الخلاقة بينما يعتبرها الفلسطيني المظلوم حق له كي يستعيد وطنه ويتنعم في ظله بالسلم والأمان.
وسنعيدكم إلى مشهد المشي على الماء، حيث راح المسيح المنتظر يمشي باتجاه المسلة فوق سطح الماء بهدوء القديسين والأنبياء.. فازداد إيمان الناس به فيما اعتبره البعض ساحراً يتقن الخدع البصرية ويتمتع بالقدرة على برمجة العقول وفق رؤيته الثاقبة.. وكانت المحققة إيفا تؤمن بذلك حيث صرحت لزميلها بأنها تعتبر حتى “السيد المسيح الحقيقي مجرد رجل سياسي يتقن استغلال السحر في التأثير على المؤمنين” وكانت تعتقد بأن هذا الرجل يدعي بأنه المسيح المنتظر بينما هو يطبق نظرية الفوضى المجتمعية التي نشرها بين تباعه أوسكار وايلاس..
– أسرار جديدة وصادمة عن المسيح المنتظر
وبعد طول بحث وتنقيب عن ماضي هذا الرجل اللغز من قبل المحققة آنا، أكدت البيانان الاستخبارية أنه درس في جامعة وليامز في مدينة ويليامستون بمقاطعة ماساتشوستس بالولايات المتجدة الأمريكية، حيث كان يحاضر هناك أوسكار والاس من ٢٠٠٤ – ٢٠٠٨.. لكنه بعد سنة ونصف اخترق البورصة الأمريكية إلكترونياً ثم هرب إلى روسيا، وهناك اتصل مع إرهابي دولي.. من هنا استنتجت المحققة آنا بأن المخلص جاء لينفذ أجندة والاس التي تدعو لنشر الفوضى الخلاقة وجلب الطوفان.
ومن طهران اكتشفت المخابرات الأمريكية أن له أخ توأم يشبهه تماماً، ولقاء أجر مادي، زودهم بأدق البيانات عن شقيقه، حيث أفاد بأن المخلص مجرد رجل نصاب يدعى في حقيقة الأمر “بايام غولشيري”، ويمارس أعمال السحر والخفة بإتقان..
وقبل مواجهته بتلك الحقائق تمكن المسيح المنتظر من مقابلة الرئيس الأمريكي، واستطاع التوغل في شخصية الرئيس من خلال نظراته المؤثرة، وطلب منه ممارسة صلاحياته ليسود السلام، حتى لا يباغت الطوفان العالم، وكان تجاوب الرئيس لطلبه مع التحفظ يثير الذهول ويوحي بمدى الطاقة التي يتمتع بها هذا الرجل اللغز.
صحيح أن الغرفة التي كان يقيم فيها كانت مزروعة بأجهزة التنصت وعدسات التصوير الخفية والتي تسيطر عليها غرفة تحكم تابعة لجهاز المخابرات المركزي، ولإحراج موقف المسيح المنتظر عند رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، فقد حاولت المخابرات إيقاعه في براثن إحدى العاهرات لقاء أجر؛ إلا أنها تابت على يديه.
وفي موقع آخر من المسلسل، صرح المسيح المنتظر للمحققة التي واجهته بالحقيقة التي بحوزتها من خلال ما أفضى به شقيقه التوأم.. كان لقاؤهما ودّياً، فسألته باهتمام:
“من أنت ومن يقف وراءك.. هل أنت المسيح بحق”؟
لكنه لم يجب عن السؤال بصراحة.. وكأنه يوهمها بأنه من الممكن أن يكون المسيح المخلص أو مجرد إنسان ينتحل شخصيته لكنه يسعى للتغيير، ولعل هذه الخلاصة التي تجاوبت في رأسها.
ثم تابع يقول للمحققة آنا بأنه يريد “الطوفان” أي الفوضى الخلاقة.. وقد أكد هذا الجواب هواجسها حول علاقة المسيح المزعوم بأوسكار والاس الذي يدعو إلى الفوضى المجتمعية تمهيداً لتحقي النظام الجديد.. وكأنها دعوة لحرب عالمية ثالثة.
في الجانب الآخر كان الطوفان يجتاح عقول اللاجئين الفلسطينيين بعد أن خذلهم الخيار السلمي.. كلٌ أخذ يقاوم بطريقته ومن منطلق حقوقهم لمشروعة.. المسلسل لم يستطع تمويه هذا الحق أو خلط أوراقه لأنه الأسطع في سياق هذه القصة.. فالانتفاضة تستعر بشدة.. والجماعات المتشددة تبدأ بالتخطيط لعمليات عسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وفي مشهد أخير، كانت إحدى الأسر الإسرائيلية تخرج من بيتها.. وفي شارع وسط تل أبيب، تنفجر سيارة مفخخة، وتنحجب عدسة التصوير عن ظهور ضحايا وكأن رؤية المسلسل تحاول الربط بين علاقة الفوضى أو ما نطلق عليها نحن بالمقاومة المشروعة بالاحتلال الذي يتظاهر بالبراءة.
– الخلاصة
المسلسل مشوق جداً لكنه بالمقابل يُعَدُّ خطيراً جداً ويحاول القائمون عليه تحقيق الرؤية الماسونية العالمية التي ترفض الأديان وترسخ لمفهوم التغيير القائم على أنقاض الأفكار التقليدية البالية وتقديم خليطاً عجيباً من الحقوق الخلافية المتضاربة بين المتخاصمين في الشرق الأوسط، مع أن حق العودة للفلسطينيين كان مسيطراً على الفكرة المركزية للمسلسل لأن افتراض العدالة في المسيح القادم إلى عالمنا تستوجب منه تحقيقها في الأرض التي ولد فيها.. بيت لحم.. فلسطين.. ولا أدري لماذا محاولة الربط بين المسيح المنتظر بإيران لأن التوظيف لم يكن موفقاً.
وفي ذات السياق لا أدري إن كان هناك علاقة بين هذا المخلص وهزيمة داعش بحيث تتجلى أبعادها أكثر في الموسم الجديد للمسلسل الذي جاري الإعداد له، علماً بأن ما بذره المؤلف في حرث هذا الموسم المكون من عشر حلقات سيضيق الأفق عليه في الموسم اللاحق، لأن انحرافه عن السياق والمنطق سيحكم عليه بالفشل.
أشجع على حضور المسلسل ولكن على أن يتم ذلك بحذر شديد، لأن السم الذي يوضع في الدسم هو غواية الموت الزؤام.
الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الجمعة 10-01-2020 09:48 مساء
الزوار: 756 التعليقات: 0